editors choice most recent most popular

شادي علاء الدين: مجلة شبابية جديدة تبحث عن التعبير المباشر   Report this
  • Facebook
  • Twitter
  • email
  • Bookmark and Share

“كذا مذا” مجلة شبابية جديدة تبحث عن التعبير المباشر
شادي علاء الدين، الخميس 16 أيلول 2010

لم يُعرف في لبنان وفي المنطقة عموماً نشاط ثقافي – كتابي – اعتمد صيغة التعبير المباشر أو العاري (ولن نتطرق ههنا الى موضوع التردي الثقافي الكبير إن على مستوى تقنية الكتابة أو على مستوى الأفكار)… فقط ما نريد الإشارة اليه، وقد صارت البلاد تعيش زمن النصوص الحذرة التي لا تقول شيئاً، أو تعيد قول ما هو معروف ومألوف… وفي زمن نعيش فيه حالة من انكفاء القول وتقوقعه على ذاته … كان إصدار جديد لمجلة ثقافية شبابية عنوانها “كذا مذا”، أُريد لها أن تكون مختلفة، مثل عنوانها والذي يُذكّر بزمن غابر عند البعض، كانت فيه العبارة تعني ربما القفز فوق الممنوع في مشروع تربية طهرية، كلعبة أخرى مارسناها صغاراً، أطلقنا عليها إسم “بيت بيوت”.

“كذا مذا”: إصدار جديد في واقع ثقافي مأزوم

نشأت إذاً في هذا السياق المأزوم مجلة ثقافية شبابية تحمل عنوان”كذا مذا” لا تحمل وفق مطلقها عماد عطاالله أي إدعاءات سوى نزعتها إلى خلق مساحة تعبير حرة ومباشرة ومتخلصة من جميع أنواع الرقابات.

المجلة تعنى بإبراز المفارقات ودفعها إلى الواجهة بروح تهكمية مرحة وساخرة دون الانتقاص طبعاً من قيمتها؛ تعرض للقضايا الشائكة أو الدرامية بنفَس جديد مغاير ومباشر… مع نزعة واضحة لكل ما هو بصري (الصورة، الرسومات…)

خمسة أعداد صدرت حتى الآن من المجلة، واللافت أنه مع كل عدد تقدم المجلة مجاناً قرصاً مدمجاً يحتوي على عمل فني ممكن أن يكون فيلماً قصيراً أو أغنية مصورة تعالج موضوعاً معيناً (تجربة غير مسبوقة في منطق المجلات الثقافية) وأمر جديد يحسب للمجلة.

عناوين غير مألوفة تطالعك في صفحات “كذا مذا”، لم تألفها لتاريخه الصحافة الشبابية وغير الشبابية.

إطلالة على عناوين الأبواب والمقالات تبرز لنا نزعة الابتكار الجادة التي يشترك فيها صاحب المجلة عماد عطا الله وكتّابها الذين هم بمعظمهم لا يملكون تجارب كتابية سابقة، بل هم وكما يصر عطا الله على القول قراء يكتبون.

فكرة المجلة طابعها وتمويلها

عماد عطاالله مؤسس المجلة وعلى عكس ما جرت العادة لا ينكر طابعها التجاري. يقول: “فكرة المجلة فكرة محض تجارية، كنا قد قمنا ببحث حول موضوع الشباب وكتاباتهم، لم يكن البحث عظيماً أو معمقاً ولكن ما تبين لنا أنه لا مجلة عربية تحاكي واقع الشباب في لبنان والعالم العربي. معظم المجلات مستوردة، إذا كلها تعكس واقعاً شبابياً آخر غير واقعنا”.

تمويل المجلة يأتي من مجلة “بابليو” التي يشرف عليها عطا الله أيضاً وهي مجلة ثقافية ذات طابع مختص بالصورة وتأويلها ومعانيها.

(يتابع) فكرة المجلة وهدفها يقومان على معادلة تحويل القارئ من مستهلك إلى منتج، من قارئ إلى كاتب، وكل محتويات المجلة يكتبها قراء هم بمعظمهم ليسوا صحافيين ولم يسبق أن كتبوا من قبل.

منطق المجلة وطريقة اختيار المواضيع يقومان، ودائما وفق عطاالله، وفق ترتيب معين، فقبل إصدار أي عدد يصار إلى تحديد محور أساسي له ويعلن عنه وتقبل المساهمات والمشاركة على أساسه.

تزاوج بين الجنسي والعاطفي والاجتماعي

الجنس يظهر غالباً بصيغة مباشرة أو إيحائية في معظم الأعداد، ولكن عطا الله يرى أن المسألة لا تتعلق باستخدام شحنة جنسية لأهداف ترويجية، ولكن منطق المجلة برأيه يقوم بصرياً ودلالياً على تزاوج بين الجنسي، العاطفي، والاجتماعي، وعلى تركيب شبكة متكاملة لا يحضر فيها شيء على حساب الآخر، فالمجلة منبر لقرائها وهي ترصد تجارب فعلية وواقعية مثل أزمة الاغتصاب ومشاكل المخدرات… منبر مفتوح إذاً، فإذا صودف أن موضوع الجنس هو أساسي بالنسبة لهم فلا بأس بذلك.

الاستثمار في التعبير

تمتاز المجلة أنها تقدم قرصاً مدمجاً مع كل عدد يضم عملاً فنياً يمكن أن يكون أغنية أو فيلماً قصيراً، وفي هذه المرحلة لا تنتج المجلة هذه الأعمال إلا في حالات خاصة، ولكن معظم الأعمال التي عرضت عليها كانت جاهزة للنشر أو للعرض (مع الاشارة أن لا بدل مادي يُدفع للمشاركين عن أعمالهم).

مسألة التوزيع هي من المسائل الأساسية التي تغري المعلنين بوضع إعلاناتهم في مطبوعة معينة (بالتحديد كمية الاعداد الموزعة ووصولها الى أكبر عدد من القراء). وهنا يطرح سؤال على المجلة الناشئة هو كيف لمجلة شبابية أن تقنع المعلنين بوضع إعلاناتهم فيها، وترك المجلات والمطبوعات الأخرى الأكثر ذيوعاً وانتشاراً؟

الجواب عن هذه المسألة، وفق عطاالله، بسيط، فهو يؤكد أن المجلات تصنع أوهاماً حول حجم مبيعاتها، ومن يقول إنه يطبع ويبيع بين 30 أو 40 ألف نسخة ليس صادقاً. من هنا يوجه رسالة للمعلنين تقول إن “كذا مذا” تصل إلى 30 ألف شخص.

هو لا يقول إنها تبيع هذا العدد – ملاحظة مهمة – ولكنها تصل إلى هذا العدد من الناس بطريقة أو بأخرى كما أن المجلة تقدم “دي في دي” مجانياً معها، لذا ينبه إلى أن سعر نسخة المجلة الذي لا يتجاوز 3000 ليرة لبنانية الآن هو سعر تشجيعي فقط، وهو لا يعكس كلفة المجلة ولا قيمتها وسوف يصار إلى رفعه لاحقاً.

تجمع المجلة ثلاث لغات وعطالله لا يجد الأمر مستغرباً بل جميلاً. فبما أننا نتكلم هذه اللغات فلماذا لا تدخل في مجال التعبير المباشر خاصة ونحن نعيش التنوع ونعبر عنه، فالمجلة ليست توجيهيةً وليس لديها مشكلة في شيء.

هل الخفة تحمي حين يتم التطرق إلى الشأن السياسي؟

هذا السؤال كان فاتحةً لنقاش طال ولكن الخلاصة التي يركن إليها صاحب “كذا مذا” هي أن الكثير من المجلات الأكاديمية الرصينة تعرض للشأن السياسي، ولا أحد يتعرض لها بسبب طابعها النخبوي الضيق، فالنظام القائم على الديكتاتورية يخاف فقط من حجم التأثير (على العامة).

يمكن أن تكون هذه المجلة بقدرتها على الوصول إلى الناس خطيرة. السياسة في لبنان سطحية وتأثيرها قائم على الذيوع والإنتشار واللعب على الخوف بسطحية عالية، لذا فإن العناوين التي تستعملها المجلة ذكية، مثلا عنوان”الوظوظ مش شيعي” (لا للحصر).

طبعاً يدافع عطا الها عن مجلته بحماسة، ولكن هذا لا يعني أن المرء يمكنه الموافقة على كل ما يقوله، فإذا كان الجميع لهم الحق في الكتابة فهذا صحيح ومشروع، ولكن النشر والإشهار يجب أن يبقى محافظاً على قواعد معينة، لأن عملية الكتابة هي فن وحرفة ولكل حرفة أصولها، فلا يمكن أن نترك الباب مفتوحاً على مصراعيه تحت دعوى التحرر والإصرار على حق الجميع بالتعبير، لأنه لو كان الوضع هكذا لما كان هناك اختلاف بين من “يلطّش” فتاة في الشارع وبين من يكتب قصيدة (لها) عنها. الثاني فعل راق، السلوك الأول مدعاة للاحتقار فحتى رائد السوريالية أندريه بروتون كان يقول إن الشعر للجميع نعم، ولكن كما هو الأفق.

مجلة “كذا مذا” هي إصدار جديد يحاول القيّمون عليه والمشاركون فيه صناعة حالة تعبير شبابية صافية وطازجة على الدوام، فيصيبون أحياناً، ويخطئون في أحيان أخرى. هي مازالت في اطار الوعد لذا لا نملك سوى أن نقابلها بالتشجيع، لأنها في نهاية المطاف مبادرة حية في زمن الموت والموتى.

http://nowlebanon.com/Arabic/NewsArticleDetails.aspx?ID=201486

1 votes
0 comments